جميلة ليالي الشتاء
بدون كهرباء
عندما تنقطع الكرباء في ليلة من ليالي الشتاء القروية الطويلة في بداية الامر ابدو غاضبة وساخطة على من يتعمدون قطع الكهرباء في هذه الاوقات ، ولكن عندما تغلق الابواب وشيئا فشيئا تخفت الأصوات و يعم السكون القرية حيث لايمكنك فعل اي شيء سوى الذهاب للفراش طواعية
أبدء أنا في ممارسة طقوسى الخاصة في مثل هذه الليالي ، حيث أعود الى ذاتي المفقودة في زحمة الايام وضجيجها الذي لاينقطع الا بانقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء
أتلمس برفق ذكرياتي الشتوية في الطفولة حيث كانت الكهرباء دائمة الانقطاع في الليل وما من شيء يمكنه بث الدفء في الروح والجسد سوى جلسات الثمر حول موقد النار وصوت جدي رحمه الله الذي يأخذنا الى عوالمه السحرية التي كانت يوما ما حقيقة يعيشها الناس.
فيحدثنا عن الجنية التي كانت تظهر عند الساقية وعن الشيطان الذي تمثل في شكل رجل وعن الارانب التي كانت تظهر للفلاحين في الحقول ليلا فتجذبهم اليها ويكتشفون انها سراب ، ويحكي ويحكي وكلما أزدادت حكايتة عن الجن الذي كان يتجول في القرية وكأنها مسرحة الخاص يزداد انكماشنا واقترابنا من بعضنا البعض
ولكن ماكان يجذبنا أكثر في حكايات جدي ويثير الرعب في نفوسنا حكايتة عن شخصيات يهابها الجن نفسه ويجلس طواعية بين يديها ،
من هذه الشخصيات عمدة القريه هذه الشخصية الاسطورية المرعبة المستبدة واعوانة من الجبابرة الذين لاقلب لهم
ولولا ثقتي في جدي لقلت بملء الفم ان كل هذه الحكايات محض خيال لكنها وللاسف كانت حقيقة ، فكان جدي يحدثنا عن موكب العمدة حين يمر في القرية يختفي الناس من الشوارع ومن يجرؤ ويخرج للشارع أو تصادف وجوده في الشارع أثناء مرور العمدة يكون مصرية الجلد على يد كائنات ليس لها صلة بالبشرإلا في هيئتها
كان هذا العمدة يمتلك القرية بمن فيها ومافيها ولا يجرؤ شخص على رفع نظره في حضرة العمدة المبجل
كان يأمر بالقتل دون ان يجد من يحاكمه ، فالناس لاتعرف شئ خارج حدود القرية وكان القتل والتأمر شيء عادي وكانت هناك هذه الشخصية المأجورة التي يلجأ اليها من يريد ان يقتل أحد أو يأخذ بثأرة من أحد
حكي لنا جدي الحبيب عن هذه الشخصيات التي كنا نراها في المسلاسلات القديمة وكنا نزعم انها من خيال المؤلف
وحكى لنا عن نهاية هذه الشخصيات والتي كانت نهاية بشعة بمثل أفعالهم فمن أعمالكم سُلط عليكم هكذا كان يقول جدي رحمة الله رحمة واسعة.
هذه كانت ذكريات الطفولة
أما عندما اخذتنا الأيام في رحلتها مع الزمن وسار لكل منا شخصيته واهتماماته قل لدينا الشغف بالحكايات أو لنقل كلما كبرنا قل صبرنا على سماع الحكايات
عندما كبرت وتعلمت كيف اقرأ واختار حكاياتي كانت ليالي الشتاء هي ملاذي الامن حيث السكون الساحر فكانت مجلة العربي هي رفيقتي في ليالي الشتاء كنت أقرأها بشغف وحنين وألفة وكان دائما بجانبى الراديو معشوقي هذا الساحر الصغيرالذي أسرني منذ طفولتي والذي حلمت كثيراً وكثيراً أن أكون يوما مؤنسة مستمعيه في ليالي الشتاء الطويلة حيث يحلو الاستماع الى الراديو في الفراش ومعايشة قصصة وحكايتة والاستمتاع بدفء اصوات المذيعين والموسيقى التي يختلف ايقاعها وتزداد جمالا وتأثيراً عندما أستمع اليها وأنا أقرأ على ضوء شمعة ويصبح مذاق الشاي بالنعناع أكثر جمالاً
كل شيء له تأثير وطعم مختلف عندما تنقطع الكهرباء في ليالي الشتاء حتي الذكريات
ومن ضمن ذكرياتي ايضاً عن انقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء
تلك اللليلة التي مر عليها حوالي عشر سنوات
انقطعت الكهرباء في بداية الليلة فكانت كالعادة جلوس الجميع حول موقد النار واحتساء السحلب هذا المشروب الشتوي الاصيل
ثم ذهب الجميع للنوم إلا أنا وللحق تسرب إلي بعض الخوف خاصة ان مؤنسي في مثل هذه الليالي وهو الراديو لم يكن متاح فقد أكتشفت ان بطاريته فارغة ولم يكن أمامي شيء يٌذيب خوفي ويؤنس وحدتي سوى هذه الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاث سنوا ت
وهي زينب إبنة أختي فأخذت أتودد اليها واعاملها بلطف ولم يكن من عادتي معملتها هكذا لكنها احكام الاحتياج اليها
في هذة الليلة حملتها وجلسنا أمام موقد النار وصنعت لها شاي باللبن كمحفز لكي تكون مؤنسي في ليلة باردة بلاراديو فحاولت ارغامها على السهر بكل الحيل، فبعد تلبية طلباتها واعداد الشاي باللبن لها جلست أقرأ لها قصة من المجلة ولكم أن تتخيلوا كيف تكون قصص مجلة عريقة كمجلة العربي ، كنت على يقين تام بأنها لاتعي كلمة واحدة مما أقول ( سنتين ونص ياناس)
وجعلتها تحتسي الشاي ظناً مني أن هذا كفيل بأن يجعل النوم يهرب من جفونها بعض الشيء الا انه مع أول رشفة من الشاي ظهرت عليها أعراض النوم حاولت معها بكل الحيل إلا أن سلطان النوم كان أقوى من كل حيلي وجأت اللحظة التي لابد منها والتي كنت أخشها وهي أن أخذها الى الحمام قبل النوم ( يا إلهي ) فقد كان البيت هو بيت العائلة الكبير الذي يكون في الليل والظلمة مسرحا لكل التخيلات وانا طبعاً خيالي واسع جداً ههههههه وكانت لحظة دخولها الحمام من أكثر اللحظات رعباً بالنسبة لي في هذا الوقت وقد كان فبعد ذلك ذهبت ابنة أختي تغط في نوم عميق وكنت أظن أن رحلة الحمام المرعبة سوف توقظها بعض الوقت لكن خاب ظني
ولجأت أسفة الى النوم رغما عني.
وهكذا ظل إنقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء مرتبطاً لدي بجدي وحكاياتة والتفافنا جميعا حول موقد النار، ثم أبنة أختي الحبيبة ومجلة العربي والراديو والشاي
والأن ورغم الأختلاف في كل شيءالمكان والأشخاص والإهتمامات، تظل مجلة العربي الكويتية رفيقتي ومؤنستي كما يحلو احتساء الشاي بالنعناع والاستماع الى الراديو والإستمتاع بهم على ضوء شمعة وصوت محمد عبدة وروردة يأتي من الرديو شجيا متسربا للروح فتُضاء كل الذكريات الجميلة
فدعوني أقول ما أحلى إنقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء وما أحلى ضوء الشموع وصوت الراديو وطعم الشاي والقراءة والتجول في مدن الذكريات
ما أحلى ليالي الشتاء بلا كهرباء.
بدون كهرباء
عندما تنقطع الكرباء في ليلة من ليالي الشتاء القروية الطويلة في بداية الامر ابدو غاضبة وساخطة على من يتعمدون قطع الكهرباء في هذه الاوقات ، ولكن عندما تغلق الابواب وشيئا فشيئا تخفت الأصوات و يعم السكون القرية حيث لايمكنك فعل اي شيء سوى الذهاب للفراش طواعية
أبدء أنا في ممارسة طقوسى الخاصة في مثل هذه الليالي ، حيث أعود الى ذاتي المفقودة في زحمة الايام وضجيجها الذي لاينقطع الا بانقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء
أتلمس برفق ذكرياتي الشتوية في الطفولة حيث كانت الكهرباء دائمة الانقطاع في الليل وما من شيء يمكنه بث الدفء في الروح والجسد سوى جلسات الثمر حول موقد النار وصوت جدي رحمه الله الذي يأخذنا الى عوالمه السحرية التي كانت يوما ما حقيقة يعيشها الناس.
فيحدثنا عن الجنية التي كانت تظهر عند الساقية وعن الشيطان الذي تمثل في شكل رجل وعن الارانب التي كانت تظهر للفلاحين في الحقول ليلا فتجذبهم اليها ويكتشفون انها سراب ، ويحكي ويحكي وكلما أزدادت حكايتة عن الجن الذي كان يتجول في القرية وكأنها مسرحة الخاص يزداد انكماشنا واقترابنا من بعضنا البعض
ولكن ماكان يجذبنا أكثر في حكايات جدي ويثير الرعب في نفوسنا حكايتة عن شخصيات يهابها الجن نفسه ويجلس طواعية بين يديها ،
من هذه الشخصيات عمدة القريه هذه الشخصية الاسطورية المرعبة المستبدة واعوانة من الجبابرة الذين لاقلب لهم
ولولا ثقتي في جدي لقلت بملء الفم ان كل هذه الحكايات محض خيال لكنها وللاسف كانت حقيقة ، فكان جدي يحدثنا عن موكب العمدة حين يمر في القرية يختفي الناس من الشوارع ومن يجرؤ ويخرج للشارع أو تصادف وجوده في الشارع أثناء مرور العمدة يكون مصرية الجلد على يد كائنات ليس لها صلة بالبشرإلا في هيئتها
كان هذا العمدة يمتلك القرية بمن فيها ومافيها ولا يجرؤ شخص على رفع نظره في حضرة العمدة المبجل
كان يأمر بالقتل دون ان يجد من يحاكمه ، فالناس لاتعرف شئ خارج حدود القرية وكان القتل والتأمر شيء عادي وكانت هناك هذه الشخصية المأجورة التي يلجأ اليها من يريد ان يقتل أحد أو يأخذ بثأرة من أحد
حكي لنا جدي الحبيب عن هذه الشخصيات التي كنا نراها في المسلاسلات القديمة وكنا نزعم انها من خيال المؤلف
وحكى لنا عن نهاية هذه الشخصيات والتي كانت نهاية بشعة بمثل أفعالهم فمن أعمالكم سُلط عليكم هكذا كان يقول جدي رحمة الله رحمة واسعة.
هذه كانت ذكريات الطفولة
أما عندما اخذتنا الأيام في رحلتها مع الزمن وسار لكل منا شخصيته واهتماماته قل لدينا الشغف بالحكايات أو لنقل كلما كبرنا قل صبرنا على سماع الحكايات
عندما كبرت وتعلمت كيف اقرأ واختار حكاياتي كانت ليالي الشتاء هي ملاذي الامن حيث السكون الساحر فكانت مجلة العربي هي رفيقتي في ليالي الشتاء كنت أقرأها بشغف وحنين وألفة وكان دائما بجانبى الراديو معشوقي هذا الساحر الصغيرالذي أسرني منذ طفولتي والذي حلمت كثيراً وكثيراً أن أكون يوما مؤنسة مستمعيه في ليالي الشتاء الطويلة حيث يحلو الاستماع الى الراديو في الفراش ومعايشة قصصة وحكايتة والاستمتاع بدفء اصوات المذيعين والموسيقى التي يختلف ايقاعها وتزداد جمالا وتأثيراً عندما أستمع اليها وأنا أقرأ على ضوء شمعة ويصبح مذاق الشاي بالنعناع أكثر جمالاً
كل شيء له تأثير وطعم مختلف عندما تنقطع الكهرباء في ليالي الشتاء حتي الذكريات
ومن ضمن ذكرياتي ايضاً عن انقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء
تلك اللليلة التي مر عليها حوالي عشر سنوات
انقطعت الكهرباء في بداية الليلة فكانت كالعادة جلوس الجميع حول موقد النار واحتساء السحلب هذا المشروب الشتوي الاصيل
ثم ذهب الجميع للنوم إلا أنا وللحق تسرب إلي بعض الخوف خاصة ان مؤنسي في مثل هذه الليالي وهو الراديو لم يكن متاح فقد أكتشفت ان بطاريته فارغة ولم يكن أمامي شيء يٌذيب خوفي ويؤنس وحدتي سوى هذه الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاث سنوا ت
وهي زينب إبنة أختي فأخذت أتودد اليها واعاملها بلطف ولم يكن من عادتي معملتها هكذا لكنها احكام الاحتياج اليها
في هذة الليلة حملتها وجلسنا أمام موقد النار وصنعت لها شاي باللبن كمحفز لكي تكون مؤنسي في ليلة باردة بلاراديو فحاولت ارغامها على السهر بكل الحيل، فبعد تلبية طلباتها واعداد الشاي باللبن لها جلست أقرأ لها قصة من المجلة ولكم أن تتخيلوا كيف تكون قصص مجلة عريقة كمجلة العربي ، كنت على يقين تام بأنها لاتعي كلمة واحدة مما أقول ( سنتين ونص ياناس)
وجعلتها تحتسي الشاي ظناً مني أن هذا كفيل بأن يجعل النوم يهرب من جفونها بعض الشيء الا انه مع أول رشفة من الشاي ظهرت عليها أعراض النوم حاولت معها بكل الحيل إلا أن سلطان النوم كان أقوى من كل حيلي وجأت اللحظة التي لابد منها والتي كنت أخشها وهي أن أخذها الى الحمام قبل النوم ( يا إلهي ) فقد كان البيت هو بيت العائلة الكبير الذي يكون في الليل والظلمة مسرحا لكل التخيلات وانا طبعاً خيالي واسع جداً ههههههه وكانت لحظة دخولها الحمام من أكثر اللحظات رعباً بالنسبة لي في هذا الوقت وقد كان فبعد ذلك ذهبت ابنة أختي تغط في نوم عميق وكنت أظن أن رحلة الحمام المرعبة سوف توقظها بعض الوقت لكن خاب ظني
ولجأت أسفة الى النوم رغما عني.
وهكذا ظل إنقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء مرتبطاً لدي بجدي وحكاياتة والتفافنا جميعا حول موقد النار، ثم أبنة أختي الحبيبة ومجلة العربي والراديو والشاي
والأن ورغم الأختلاف في كل شيءالمكان والأشخاص والإهتمامات، تظل مجلة العربي الكويتية رفيقتي ومؤنستي كما يحلو احتساء الشاي بالنعناع والاستماع الى الراديو والإستمتاع بهم على ضوء شمعة وصوت محمد عبدة وروردة يأتي من الرديو شجيا متسربا للروح فتُضاء كل الذكريات الجميلة
فدعوني أقول ما أحلى إنقطاع الكهرباء في ليالي الشتاء وما أحلى ضوء الشموع وصوت الراديو وطعم الشاي والقراءة والتجول في مدن الذكريات
ما أحلى ليالي الشتاء بلا كهرباء.